أي أنّه إذا جاز لنا، اعتبار أنّ لحياتنا كبشر خمسة جوانب أساسية (وهي العلم والتعلّم، العلاقات الاجتماعية، الصحّة والرياضة، الوظيفة والمسار المادّي، وأخيراً وليس آخراً الإيمان والروحانيات) فإن حرصنا على الإنجاز في كلّ هذه المجالات في الوقت نفسه، من شأنه أن يجعل سقوطنا في أحدها خفيفاً لدرجة غير مؤذية..
بمعنى آخر، لنفترض أنّك تبلي بلاء جيّداً (ليس ممتازاً) في مجالات حياتك الخمس؛ صحّتك جيدة بدون أمراض ظاهرة.. وتمارس الرياضة كلّ حين وحين.. تقرأ قليلاً قبل أن تنام.. تشاهد فيلماً كلّ أسبوع.. علاقتك مع الله جيدة.. علاقاتك العائلية والعاطفية بدون مشاكل.. وتعمل في وظيفة جيّدة، تدفع منها فواتيرك، وتدخّر القليل من المال كلّ شهر..
في حالة كهذه، فإن اهتزاز أو تأثر أي عنصر من هذه العناصر الخمس، كأن تخسر وظيفتك مثلاً، أو تقوم بإجراء عملية جراحية، أو تفشل في علاقة عاطفية، لن يكون تأثيره عليك كبيراً في المجمل، وإن كان كبيراً في ذاته.. ببساطة، لأنّ هنالك أربع جوانب أخرى تحمل حياتك.. وتمنحك الرضى.. ستتأثّر حياتك بلا شكّ وتتكدّر، لكنّها لن تنهار.. وسيكون من السهل عليك إعادة إصلاح هذا الجانب، لأنّك إنسان قوي أساساً..
بالمقابل، لو كنت مهملاً في معظم جوانب حياتك وتعطي كلّ تركيزك وطاقتك على جانب واحد فقط، فإن أي خدش صغير في هذا الجانب، سيكون وقعه هائلاً عليك.. ببساطة، لأنّ هذا هو العمود الوحيد الذي تقف حياتك عليه.. وهو مصدرك الوحيد للرضا..
نفس مبدأ التنويع هذا، يمكن تطبيقه داخل مجالات الحياة الخمس نفسها، كتنويع مصادر الدخل مثلاً، ومصادر المعرفة.. والعلاقات الاجتماعية والصداقات، الرياضات، نمط الحياة الصحّي.. بل وعباداتك أيضا ونوافلك وصدقاتك..
الشيء الوحيد ربّما، الذي لا تنطبق عليه نظرية التنويع الجميلة هذه، هو الرّب الذي نعبده.. وحبله الذي نعتصم به.. ووجهه الكريم الذي نرجو لقاءه.. فالقوّة العظيمة هنا، لا تتأتّى أبداً من التنويع، بل من فكرة أنّ الجدار الذي نسند وهن أرواحنا عليه، واحدٌ ثابت أزليٌّ سرمديُّ باقٍ لا يزول ولا يتبدّل ولا يتغيّر..
- من كتابات ديك الجن